واختلفوا لمن تكون الغرة التى تجب فى الجنين فذكر ابن حبيب أن مالكًا اختلف قوله فى ذلك فمرة قال: الغرة لأم الجنين، وهو قول الليث، وقال مرة: هى بين الأبوين، الثلثان للأب والثلث للأم. وهو قول أبى حنيفة والشافعى. وحجة القول الأول: إن الغرة إنما وجبت لأم الجنين؛ لأنه لم يعلم إن كان الجنين حيا فى وقت وقوع الضربة بأمه أم لا. وحجة القول الثانى: أن المرأة المضروبة لما ماتت من الضربة قضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها بالدية مع قضائه بالغرة، فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذًا لما قضى فيها بالغرة، ولكان حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربتها فعليها ديتها، ولا تجب عليها للضربة أرش. وقد أجمعوا أنه لو قطع يدها خطأ فماتت من ذلك لم يكن لليد دية، ودخلت فىدية النفس، فلما حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع دية المرأة بالغرة ثبت بذلك أن الغرة دية الجنين لا لها، فهى موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات. قال الطحاوى: وفى حكم النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الجنين بغرة ولم يحكم فيه بكفارة؛ حجة لمالك وأبى حنيفة على الشافعى فى إيجابه كفارة عتق رقبة على من تجب عليه الغرة ولا حجة له، ولو وجبت فيه كفارة لحكم بها (صلى الله عليه وسلم) ، والكفارة إنما تجب فى إتلاف روح، ولسنا على يقين فى أن الجنين كان حيا وقت ضربه أمه ولو أيقنا ذلك لوجبت فيه الدية كاملة، فلما أمكن أن يكون حيا تجب فيه الدية كاملة، وأمكن أن يكون ميتًا لا يجب فيه شىء؛ قطع النبى (صلى الله عليه وسلم) التنازع