قتل واحدًا منا لقتلناه لأنا لم نعطهم العهد على ذلك، وكذلك سبه (صلى الله عليه وسلم) إذا أظهر. فإن قيل: فهو إذا أسلم وقد سب النبى (صلى الله عليه وسلم) تركتموه، وإذا أسلم وقد قتل مسلمًا قتلتموه. قيل: لأن هذا من حقوق العباد لا يزول بإسلامه، وذلك من حقوق الله يزول بالتوبة من دينه إلى ديننا، وحجة أخرى وهو أن الرسول قال:(من لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله) فقتله محمد بن مسلمة، والسب من أعظم الأذى، وكذلك قتل (صلى الله عليه وسلم) ابن خطل يوم فتح مكة والقينتين اللتين كانتا تغنيان بسبه، ولم ينفع ابن خطل استعاذته بالكعبة. وقال محمد بن سحنون: وفرقنا بين من سب النبى (صلى الله عليه وسلم) من المسلمين، وبين من سبه من الكفار، فقتلنا المسلم ولم نقبل توبته؛ لأنه لم ينتقل من دينه إلى غيره، إنما فعل شيئًا حده عندنا القتل، ولا عفو فيه لأحد، فكان كالزنديق الذى لا تقبل توبته؛ لأنه لم ينتقل من ظاهر إلى ظاهر، والكتابى كان على الكفر، فلما انتقل إلى الإسلام بعد أن سب النبى (صلى الله عليه وسلم) غفر له ما قد سلف، كما قال تعالى:(قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)[الأنفال: ٣٨] . قال غيره: فقياس الكوفيين المسلم إذا سب النبى (صلى الله عليه وسلم) على المرتد خطأ؛ لأن المرتد كان مظهرًا لدينه فتصح استتابته، والمسلم لا يجوز له إظهار سب النبى (صلى الله عليه وسلم) وإنما يكون مستترًا به؛ فكيف تصح له توبة؟