قال المؤلف: فى هذا الحديث تبين معنى الاستئذان وأنه إنما جعل خوف النظر إلى عورة المؤمن وما لا يحل منه، وفى الموطأ عن عطاء ابن يسار:(أن رجلاً قال: يا رسول الله، أستأذن على أمى؟ قال نعم. قال: أنى معها فى البيت. قال أستأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا. قال: فأستأذن عليها) . وروى عن على بن أبى طالب أنه قال: لا يدخل الغلام إذا اتحتم على أمه، ولا على اخته إلا بإذن وأصل هذا الكلام فى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم (الآية. قال أبو عبيد: فأما ذكور المماليك فعليهم الاستئذان فى الأحوال كلها. وهذا الحديث مما يرد قول أهل الظاهر، ويكشف غلطهم فى إنكارهم العلل والمعانى، وقولهم أن الحكم للأسماء خاصة، لأنه عليه السلام علل الاستئذان أنه إنما جعل من قبل البصر، فدل ذلك على أن النبى عليه السلام أوجب اشياء وحظر أشياء من أجل معان علق التحريم بها، ومن أبى هذا رد نص السنن. وقد نطق القرآن بمثل هذا كثيرًا من ذلك قوله تعالى: (وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم (وقال: (وما أفأ الله على رسوله من أهل القرى (إلى قوله: (كى لا يكون دوله بين الأغنياء منكم (وقال: (لئلا يكون للناس على الله حجة