فَانْطَلَقُوا، فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِى إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ (إِلَى قَوْلِهِ: (عَظِيمًا (. قال المؤلف: جاء فى بعض طرق الحديث أن النبى عليه السلام استحيا أن يقول للذين أطالوا الحديث فى بيته: قوموا، ويخرجهم من بيته لأنه كان عليه السلام على خلق عظيم، وكان أشد الناس حياء فيما لم يؤمر فيه ولم ينه، فإذا أمره الله لم يستحى من إنفاذ أمر الله - عز وجل - والصدع به، وكان جلوسهم عنده بعد ماطمعوا للحديث أذى له ولأهله، قال الله تعالى: (إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لايستحى من الحق (فقد حرم الله - عز وجل - أذى رسوله عليه السلام فأنزل الله من أجل ذلك الآية. وفيه: أنه لا ينبغى لأحد أن يدخل بيت غيره إلا بإذنه، وأن الداخل المأذون له لا ينبغى له أن يطول الجلوس فيه بعد تمام حاجته التى دخل لها لئلا يؤذى الداخل الذى أدخله، ويمنع أهله من التصرف فى مصالحهم. وفيه: أن من أطال الجلوس فى دار غيره حتى كره ذلك من فعله، فإن لصاحب الدار أن يقوم بغير إذنه ويظهر التثاقل عليه فى ذلك حتى يفطن له، وأنه إذا قام فإن للداخل القيام معه، وأنه لا يجوز له الجلوس فيه بعده إلا أن يأذن له فى ذلك صاحب المنزل.