مايفضل عما يكنه من الحر والبرد ويستره عن الناس، وقد ذم الله تعالى - من فعل ذلك فقال:(اتبنوا بكل ريع آيه تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون (يعنى: قصورًا، وقد جاء عن النبى - عليه السلام - أنه قال: (ماأنفق ابن آدم فى التراب فلن يخلف له، ولا يؤجر عليه) وأما من بنى مايحتاج إليه ليكنه من الحر والمطر فمباح له ذلك، وكذلك فعل السلف، ألا ترى قول ابن عمر: بنيت بيدى بيتا يكننى من حرة المطر ويظلنى من الشمس. وقد روى ذلك عن النبى عليه السلام ذكر الطبرى عن حسن، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله قال:(كل شىء سوى خلف هذا الطعام - يعنى: كسر الطعام - وهذا الماء، وبيت يظله، وثوب يستره لابن آدم فيه حق) . فأباح عليه السلام من البناء مايقيه أذى الشمس والمطر، الذين لا طاقة لأحد باحتمال مكروههما، كما أباح من الغذاء مما به قوام بدنه من مطعم أو مشرب، ومن الملبس مايستر عورته، ومازاد على ذلك فلا حق له فيه، يعنى إذا لم يصرفه فى الوجه المقربة له إلى الله فإذا فعل ذلك فله الحق فى أخذه وصرفه فى حقه. وروى ابن وهب وابن نافع، عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده وهو أمير ولم يكن له بيت، وإنما كان يستظل بالجدر والشجر، وإن رجلا قال له: ألا أبنى لك بيتًا تسكن فيه؟ فقال: مالى به حاجة. فما زال به الرجل قال: أعرف البيت الذى يوافقك. فقال: فصفه لى. قال: أبنى لك بيتًا إذا قمت فيه