قال المؤلف: كان النبى - عليه السلام - ينام على الحصير حتى يؤثر فى جنبه، ويتخذ من الثياب مايشبه تواضعه (صلى الله عليه وسلم) وزهده فى الدنيا توفيرًا لحظة فى الآخرة، وقد خيره الله ان يكون نبيا ملكا أو نبيا عبدًا، فاختار أن يكون نبيًا عبدًا إيثار للآخرة على الدنيا، وتزهيدًا لأمته فيها ليقتدوا به فى أخذ البلغة من الدنيا، إذ هى اسلم من الفتنة التى تخشى على من فتحت عليه زهرة الدنيا، ألا ترى قوله عليه السلام:(ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن؟) فقرن عليه السلام الفتنة بنزول الخزائن، فدل ذلك على أن الكفاف والقصد فى أمور الدنيا خير من الإكثار واسلم من الفتنة. فإن قال قائل: حديث أم سلمه لا يوافق معنى الترجمة قيل: بل موافق لها، وذلك أن النبى عليه السلام حذر أهله وجميع المؤمنات من لباس رقيق الثياب الواصفة لأجسامهن، لقوله:(كم من كاسية فى الدنيا عارية يوم القيامة) وفهم منه أن عقوبة لابسة ذلك أن تعرى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، وقام الدليل من ذلك أنه عليه السلام حض أزواجه على استعمال خشن الثياب السائرة لهن حذرًا أن يعرين فى الآخرة. ألا ترى قول الزهرى: وكانت هند لها أزرار فى كميها بين اصابعها. وإنما فعلت ذلك، لئلا يبدو من سعة كميها شىء من جسدها، فتكون وإن كانت ثيابها غير واصفة لجسدها داخلة فى