وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ: لا أَلْبَسُهُ أَبَدًا، ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ) . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِى بِئْرِ أَرِيسَ. / ٦٨ - وفيه: أَنَس، أَنَّهُ رَأَى فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الْخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ، فَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. رواه يونس، عن الزهرى، وتابعه إبراهيم بن سعد، وزياد، وشعيب، عن الزهرى. قال المؤلف: أما حديث ابن عمر فإن فيه أن النبى - عليه السلام - نبذ خاتم الذهب، واتخذ خاتمًا من فضة ولبسه إلى أن مان، وأما حديث أنس أن النبى عليه السلام نبذ خاتم الورق، فهو عند العلماء وهم من ابن شهاب، لأن الذى نبذ عليه السلام خاتم الذهب رواه عبد العزيز بن صهيب، وثابت البنانى، وقتادة، عن أنس وهو خلاف مارواه ابن شهاب، عن أنس، فوجب القضاء للجماعة على الواحد إذا خالفها مه مايشهد للجماعة من حديث ابن عمر. قال المهلب: وقد يمكن أن يتأول لأبن شهاب ماينفى عنه الوهم - وإن كان الوهم عنه أظهر - وذلك أنه يحتمل أن يكون النبى لما عزم على إطراح خاتم الذهب اصطنع خاتم الفضة، بدليل أنه كان لا يستغنى عن الختم به على الكتب إلى البلدان، وأجوبه العمال، وقواد السرايا، فلما لبس خاتم الفضة أراد الناس ذلك اليوم أن يصطنعوا مثله فطرح عند ذلك خاتم الهب فطرح الناس خواتيم الذهب، والتأليف بين الأحاديث أولى من حملها على التنافى والتضاد، وبالله التوفيق.