للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روي عن ابن مسعود أنه ذكر عنده رجل فذكروا من خلقه فقال: أرأيتم لو قطعوا راسه أكنتم تستطيعون أن تجعلوا له رأسًا؟ قالوا: لا. قال: فلو قطعتم يده أكنتم تجعلون له يدًا؟ قالوا: لا، قال: فإنكم لن تستطيعوا أن تغيروا خلقه حتى تغيروا خلقه. وقال ابن مسعود: فرغ من اربعة: الخلق والخلق والرزق والأجل. وقال الحسن: من أعطى حسن صورة وخلقًا وزوجة صالحة فقد اعطى خير الدنيا والآخرة. واعتلوا بما رواه الهمدانى: كان ابن مسعود يحدث عن النبى عليه السلام قال: (إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم) قالوا: فهذا الحديث يبين أن الأخلاق من إعطاء الله عباده، ألا ترى تفاوتهم فيه كتفاوتهم بالجبن والشجاعة والبخل والجود، ولو كان الخلق اكتسابًا للعبد لم تختلف أحوال الناس فيه ولكن ذلك غريزة. فإن قيل: فإن كان كذلك فما وجه ثواب الله على حسن الخق إن كان غريزة؟ . قيل له: لم يثبت على خلقه ما خلق، وإنما أثابه على استعماله ما خلق فيه من ذلك فيما أمره باستعماله فيه، نظير الشجاعة التى خلقها فيه وأمره باستعمالها عند لقاء عدوه وأثابه على ذلك، وإن استعملها فى غير لقاء عدوه عاقبه على ذلك، فالثواب والعقاب على الطاعة والمعصية لا هى ما خلق فى العبد. وقال آخرون: أخلاق العبد حسنها وسيئها إنما هى من كسبه واختياره فيحمد على الجميل منها، ويثاب على ماكان منها طاعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>