العمل وترك الازدياد من الفضل، واقتصر على حاله من حصل موصوفًا بما وصف به، وكذلك تأول العلماء فى قوله عليه السلام:(احثوا التراب فى وجه المداحين) المراد به: المداحون الناس فى وجوههم بالباطل وبما ليس فيهم. ولذلك قال عمر بن الخطاب: المدح هو الذبح. ولم يرد به من مدح رجلاً بما فيه، فقد مدح رسول الله عليه السلام فى الشعر والخطب والمخاطبة، ولم يحث فى وجه المداحين ولا أمر بذلك كقول أبى طالب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه تثمال اليتامى عصمة للأرامل وكمدح العباس وحسان له فى كثير من شعره، وكعب بن زهير، وقد مدح رسول الله عليه السلام الأنصار فقال:(إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع) ومثل هذا قوله عليه السلام: (لا تطردونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، قالوا: عبد الله؛ فإنما أنا عبد الله ورسوله) أى: لاتصفونى بما ليس لى من الصفات تلتمسون بذلك مدحى، كما وصفت النصارى عيسى لما لم يكن فيه، فنسبوه إلى أنه ابن الله، فكفروا بذلك وضلوا. فأما وصفه بما فضله الله به وشرفه فحق واجب على كل من بعثه الله إليه من خلقه وذلك كوصفه عليه السلام بما وصفها به فقال:(أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق الأرض عنه) . وفى هذا من الفقه أن من رفع أمرأط فوق حده وتجاوز به مقداره بما ليس فيه، فمعتدّ آثم؛ لأن ذلك لو جاز فى أحد لكان أولى الخلق