للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام لما فطر الله العباد عليه من ضعف الحيلة، وضيق الصدر وحرم عليهما مازاد على الثلاث؛ لأنه من الغل الذى لا يحل. وروى عيسى عن ابن القاسم فى الرجل يهجر أخاه إلا أنه يسلم عليه من غير أن يكلمه بغير السلام هل يبرأ من الحناء؟ فقال: سمعت مالكًا يقول: إن كان مؤذيا له برىء من الشحناء، وإن كان غير مؤذ فلا يبرأ من الشحنا. وقاله أحمد بن حنبل. وروى ابن وهب عن مالك قولا آخر: إذا سلم عليه فقد قطع الهجرة، وقوله عليه السلام: (وخيرهما الذى يبدأ بالسلام) حجة لهذا القول. وقيل لابن القاسم: هل ترى شهادته عليه جائزة باجتنابه كلامه وهو غير مؤذ له؟ قال: لا تقبل شهادته عليه. قال الطبرى: فإن قيل: فما أنت قائل فى حديث عائشة حين هجرت عبد الله بن الزبير وحلفت أن لا تكلمه أبدًا فتحمل عليها بالشفعاء حتى كلمته؟ قال: معنى الهجرة هو ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما واجتماعهما وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه مصارمة له وتركه السلام عليه وذلك أن من حق المسلم على المسلم إذا تلاقيا أن يسلم كل واحد منهما على صاحبه، فإذا تركا ذلك بالمصارمة فقد دخلا فيما حظر الله، واستحقا العقوبة إن لم يعف الله عنهما. فعائشة لم تكن ممن يلقى ابن الزبير فتعرض عن السلام عليه صرما له، وإنما كانت من وراء حجاب، ولا يدخل عليها أحد إلا بإذن،

<<  <  ج: ص:  >  >>