قيل: ليس هذا بخلاف لأن أبا هريرة شهد مالم تشهد عائشة، وأثبت ماليس فى خبرها، والمثبت أولى وذلك زيادة يجب الأخذ بها، وليس فى قول عائشة قطع منها أنه لم يضحك قط حتى تبدو لهواته فى وقت من الأوقات، وإنما أخبرت بما رأت كما أخبر أبو هريرة بما رأى، وذلك إخبار عن وقتين مختلفين. ووجه تأويل هذه الآار - والله أعلم - أنه كان عليه السلام فى أكثر أحواله يبتسم، وكان أيضًا يضحك فى أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم، واقل من الاستغراق الذى تبدو فيه اللهوات، هذا كان شأنه، وكان فى النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى تبدو نواجذه، ويجرى على عادة البشر فى ذلك لأنه قد قال:(إنما أنا بشر) فيبين لأمته بضحكة الذى بدت فيه نواجذه أنه غير محرم على أمته، وبان بحديث عائشة أن التبسم ولاقتصار فى الضحك هو الذى ينبغى لأمته فعله والاقتداء به فيه للزومه عليه السلام له فى أكثر أحواله. وفيه وجه آخر: من الناس من يسمى الأنياب الضواحك نواجذ واستشهد بقول لبيد: وإذا الأسنة اشرعت لنحورها أبرزن حد نواجذ الأنياب فتكون النواجذ الأنياب على معنى إضافة الشىء إلى نفسه، وذلك جائز إذا اختلف اللفظان كما يجوز عطف الشىء على نفسه إذا اختلف اللفظان، ومن إضافة الشىء إلى نفسه قوله تعالى:(ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)(وحب الحصيد) ، وقولهم: مسجد الجامع، وقال رؤبة: إذا استعبرت من جفون الأغماد