عليه السلام بأن يمينه بأبيه ليس بكفر من أجل تأويله أن له أن يحلف بأبيه للحق الذى له بالأبوة، عذر عمر فى ذلك لجهالته أن الله لا يريد أن يشرك معه غيره فى الإيمان؛ إذ لا يحلف الحالف إلا بأعظم ماعنده من الحقوق، ولا أعظم من حق الله على عباده هذا وجه حديث عمر فى هذا الباب. قال المؤلف: وكذلك عذر عليه السلام من حلف من أصحابه باللات والعزى لقرب عهدهم يجرى ذلك على ألسنتهم فى الجاهلية، وروى عن سعد بن أبى وقاص (أنه حلف بذلك فأتى النبى عليه السلام فقال: يارسول الله، إن العهد كان قريبًا فحلفت باللات والعزى، فقال النبى عليه السلام قل: لا إله إلا الله) وقد تقدم بيان هذا فى باب لا يحلف باللات والعزى فى كتاب الأيمان والنذور، فتأمله هناك. وليس فى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) إطلاق منه لهم على الحلف بذلك وكفارته بقول: لا إله إلا الله، فإنه علمهم عليه السلام أنه من نسى أو جهل فحلف بذلك أن كفارته أن يشهد بشهادة التوحيد؛ لأنه قد تقدم إليهم عليه السلام بالنهى عن أن يحلف أحد بغير الله، فعذر الناسى والجاهل، ولذلك سوى البخارى فى ترجمته الجاهل مع المتأول فى سقوط الحرج عنه؛ لأن حديث أبى هريرة فى الجاهل والناسى، والله أعلم.