/ ١٢٣ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِي (صلى الله عليه وسلم) : أَوْصِنِى، قَالَ:(لا تَغْضَبْ) ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ:(لا تَغْضَبْ) . قال المؤلف: مدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم، وأخبر أن ماعنده خير وأبقى لهم من متاع الحياة الدنيا وزينتها، وأثنى على الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم فى ذلك، وقد روى معاذ بن جبل عن النبى عليه السلام أنه قال:(من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دهاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخبره فى أى الحور شاء) . وقال عليه السلام:(ليس الشديد بالصرعة) والصرعة: الذى يصرع الناس ويكثر منه ذلك، كما يقال للكثير النوم نومه، وللكثير الحفظ حفظه، فأراد عليه السلام أن الذى يقوى على ملك نفسه عند الغضب ويردها عنه هو القوى الشديد والنهاية فى الشدة لغلبته هواه المردى الذى زينه له الشيطان المغوى، فدل هذا أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو؛ لأن النبى عليه السلام جعل للذى يمكل نفسه عند الغضب من القوة والشدة ماليس للذى يغلب الناس ويصرعهم. ومن هذا الحديث قال الحسن البصرى حين سئل أى الجهاد أفضل؟ فقال: جهادك نفسك وهواك. وفى حديث سليمان بن صرد أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تذهب الغضب، وذلك أن الشيطان هو الذى يزين للإنسان الغضب