بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا؟ قَالَ: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ عَلَىَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، فَسَكَتُّ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِى لَمَّا جِئْتَ، فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: سَلْ أَضْيَافَكَ، فَقَالُوا: صَدَقَ، أَتَانَا بِهِ، قَالَ: فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِى، وَاللَّهِ لا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ الآخَرُونَ: وَاللَّهِ لا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، قَالَ: لَمْ أَرَ فِى الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ، مَا أَنْتُمْ؟ لِمَ لا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ، هَاتِ طَعَامَكَ، فَجَاءَهُ فَوَضَعَ يَدَهُ، فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، الأولَى لِلشَّيْطَانِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. قال المؤلف: فقه هذا الحديث أنه ينبغى استعمال أحسن الأخلاق للضيف وترك الضجر لكى تنبسط نفسه، ولا تنقبض وتسقط المؤنة والرقبة خشية أن يظن أن الضجر والغضب من أجله، فلذلك من أدب الإسلام ومايثبت المودة، الا ترى أن الصديق لما رأى إبائة أضيافه من الأكل حتى يأكل معهمآثر الأكل معهم وحنت نفسه، وإنما حمله على الحلف - والله أعلم - أنه استنقص ابنه وأهله فى القيام ببر أضيافه، واشتد عليه تأخير عشائهم إلى ذلك الوقت من الليل، فلحقه ما يلحق البشر من الغضب، ثم لم يسعه مخالفة أضيافه لما أبوا من الأكل دونه، فرأى أن من تمام برهم إسعاف رغبتهم وترك التمادى فى الغضب، وأخذ فى ذلك بقوله عليه السلام:(من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليكفر عن يمينه، وليأت الذى هو خير) ، وكان مذهبه اختيار الكفارة بعد الحنث. وقوله:(بسم الله الأولى للشيطان) : يعنى اللقمة الأولى إخزاء