وعن ابن عباس أنه كان إذا رأى المصحف قد فُضِّضَ أو أذهب قال:(تُغْرُون به السارق، وزينته فى جوفه) ، وأجاز ابن سيرين تزيين المصحف وتحليته، وكذلك أبيح حلية السيف الذى هو من أمر الله تعالى، وسلطانه على من كفر به، والخاتم الذى يطبع به عهود الله، وعهود رسله النافذة إلى أقطار الأرض بالدين، وما سوى ذلك من متاع الدنيا فممنوع من التحلية غير حُلِىِّ النساء والمباح لهن ليتزين به للرجال. وفيه: أن أرواح المؤمنين يُصعد بها إلى السماء؛ ألا ترى أنه وجد آدم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء فى السماء. وقوله فى آدم:(عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى) ، فيه دليل على أن أعمال بنى آدم الصالحة تَسُرُّ أباهم آدم، عليه السلام، وأن أعمالهم السيئة تسوءه وتحزنه. وفيه: دليل أنه يجب أن يرحبَ بكل أحد من الناس فى حسن لقائه بأكرم المنازل وأقرب القرابة؛ ألا ترى أنه لما كان محمد من ذريته قال: مرحبًا بالابن الصالح، ومن كان من غير ذريته قال له: مرحبًا بالأخ الصالح، فكذلك يحب أن يُلاقى المرءُ بأحسن صفاته وأعمها بجميل الثناء عليه؛ ألا ترى أن كلهم قال له:(الصالح) لشمول الصلاح على سائر الخلال الممدوحة من الصدق، والأمانة، والعفاف، والصلة، والفضل ولم يقل أحد: مرحبًا بالنبى الصادق الأمين وما شاكله؛ لشمول الصلاح وعمومه لسائر خلال الخير.