للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: (أَجَلْ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ) ، قَالَ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ إِلا حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا) . / ٢٧ - وفيه: سَعْد، جَاءَنِى النَّبِىّ عليه السلام يَعُودُنِى مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِى زَمَنَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. . . . الحديث. قال الطبرى: اختلف العلماء فى هذا الباب فقالت طائفة: لا أحد من ينى آدم إلا وهو يألم من الوجع ويشتكى المرض لأن نفوس بنى آدم بنيت على الجزع من ذلك والألم، فغير قادر أحد على تغييرها عما خلقها الله بارئها، ولا كلف أحد أن يكون بخلاف الجبلة التى جبل عليها، وإنما كلف العبد فى حالة المصيبة أن يفعل ماله إلى ترك فعله سبيل وذلك ترك البكاء على الرزية والتأوه من المرض والبلية. فمن تأو من مرضه أو بكى من مصيبة تحدث عليه أو فعل نظيرًا لذلك فقد خرج من معانى أهل الصبر ودخل فى معانى أهل الجزع وممن روى ذلك عنه مجاهد وطاوس، قال مجاهد: يكتب على المريض ماتكلم به حتى الأنين. وقال ليث: قلت لطلحة بن مصرف: إن طاوسًا كره الأنين فى المرض، فما سمع لطلحة أنين حتى مات. واعتلوا لقولهم بإجماع على كراهة شكوى العبد ربه على ضر ينزل به أو أشتد تحدث به، وشكواه ذلك إنما هو ذكره للناس ما امتحنه به ربه عز وجل على وجه الضجر به، قالوا: فالمتوجع المتأوه فى معنى ذكراه للناس متضجرًا به أو أكثر منه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>