فإنه إذا مات أحدكم انقطع أمله وعمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا) فإن قال قائل: إن قول النبى عليه السلام عند موته: (اللهم ألحقنى بالرفيق) تمن للموت، وذلك معارض للأحاديث المتقدمة وقد تمنى الموت عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب. فأما حديث عمر فرواه معمر عن على بن زيد، عن الحسن، عن سعيد بن أبى العاص قال:(رصدت عمر ليلة فخرج إلى البقيع وذلك فى السحر فاتبعته فصلى فرفع يديه ثم قال: اللهم كبرت سنى وضعفت قوتى وخشيت الانتشار من رعيتى فاقبضنى إليك غير عاجز ولا ملوم) قال الزهرى، عن ابن المسيب: فما انسلخ الشهر حتى مات. وأما حديث على فرواه معمر عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: سمعت عليًا يخطب فقال: (اللهم إنى قد سئمتهم وسئمونى فارحمنى منهم وارحمهم منى، مايمنع أشقاكم أن يخضبها بدم - وأشار إلى لحيته) . قيل: لا تعارض بين شىء مما ذكرت ولكل خبر منها وجه صحيح، فأما قول النبى (صلى الله عليه وسلم) : (اللهم ألحقنى بالرفيق) فإنما قال ذلك بعد أن علم أنه ميت فى يومه برؤية الملائكة المبشرة له عن ربه بالسرور الكامل الا تسمعه يقول لابنته فاطمة حين ندبته: (لا كرب على أبيك بعد اليوم) فكانت نفسه مفزعة فى اللحاق بكرامة الله تعالى والمصير إلى ماوعده به من سعادة الأبد، وكذلك قالت عائشة: سمعت النبى عليه السلام يقول: (لا يقبض نبى حتى يخير، فلما سمعته يقول: الرفيق الأعلى علمت أنه ذاهب وأنه لا يختارها) وهذا خير له من كونه فى الدنيا وبهذا أمر أمته فقال: