وإيتاء الزكاة، ثم قال فى آية أخرى:(فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ)[التوبة: ١١] ، فقام الدليل الواضح من هاتين الآيتين أن من ترك الفرائض، أو واحدة منها، فلا يُخلَّى سبيله، وليس بأخٍ فى الدين، ولا يُعصم دمه ومالُه، ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها -، وبهذا حكم أبو بكر الصِّدِّيق فى أهل الردة، وهذا يَرُد قول المرجئة أن الإيمان غير مفتقر إلى الأعمال. وقولهم مخالف لدليل الكتاب والآثار وإجماع أهل السُّنَّة. فمن ضيع فريضة من فرائض الله جاحدًا لها فهو كافر، فإن تاب وإلا قُتل، ومن ضيع منها شيئًا غير جاحد لها فأمره إلى الله، ولا يُقطع عليه بكفر، وسيأتى حكم تارك الصلاة فى كتاب المرتدين فى باب قتل من أبى قبول الفرائض، وما نسبوها إلى الردَّة، ويأتى فى باب دعاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) الناس إلى الإسلام والنبوة فى كتاب الجهاد، زيادة فى الكلام فى معنى هذا الحديث، إن شاء الله. وقوله: تمت وحسابهم على الله - يدل أن محاسبة العباد على سرائرهم وخفيان اعتقادهم إلى الله دون خلقه، وأن الذى جعل للنبى، (صلى الله عليه وسلم) ، وإلى الأئمة بعده ما ظهر من أمورهم دون ما خفى يدل على ذلك حديث أبى سعيد أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قَسم، فقال له رجل: اتق الله، فقال له: تمت ويلك أَوَ لست أحق أهل الأرض أن يتقى الله -؟ فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: تمت لا، لعله أن يكون يصلِّى -، قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه