المدينة واستوخموها لمفارقهم هواء بلادهم فهم الذين استوخموا المدينة دون سائر الناس، فأمرهم النبى عليه السلام بالخروج منها ففى هذا من الفقه أن من قدم إلى بلده ولم يوافقه هواها أنه مباح له الخروج عنها والتماس هوى أفضل منها، وليس ذلك بفرار من الطاعون وإنما الفرار منه إذا عم الموت فى البلدة الساكنين فيها والطائرين عليها وفى ذلك جاء النهى، والله أعلم. وقوله:(وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرار منه) دليل أنه يجوز الخروج من بلدة الطاعون على غير سبيل الفرار منه إذا اعتقد أن ماأصابه لم يكن ليخطئه، وكذلك حكم الداخل فى بلدة الطاعون إذا أيقن أن دخوله لايجلب إليه قدرًا لم يكن قدره الله عليه، فمباح له الدخول إليه. وقد روى عن عروة بن رويم أنه قال: بلغنا أن عمر كتب إلى عامله بالشام إذا سمعت بالطاعون قد وقع عندكم فاكتب إلى حتى أخرج إليه. وروى القاسم عن عبد الله بن عمر أن عمر قال: اللهم اغفر لى رجوعى من سرغ وروى عن ابن مسعود قال: الطاعون فتنة على المقيم والفار، أما الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول أقمت فمت، وكذلك فرّ من لم يجىء أجله وأقام فمات من جاء أجله. وقال المدائنى يقال: إنه قلّ مافر أحد من الطاعون فسلم من الموت. وقوله عليه السلام:(الطاعون شهادة لكل مسلم) سيأتى تفسيرة فى الباب المتصل بهذا.