قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِشَىْءٍ، فَيَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) : (تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ، يَخْطَفُهَا الْجِنِّىِّ، فَيَقُرُّهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ) . قال المؤلف: فى هذه الآثار ذم الكهان وذم من تشبه بهم فى ألفاظهم؛ لأنه عليه السلام كره قول ولى المرأة لما أشبه سجع الكهان الذين يستعملونه فى الباطل ودفع الحق، ألا ترى أنه أتى بسجعه محتجًا على رسول الله فى دفع شىء قد أوجبه عليه فاستحق بذلك غاية الذم وشديد العقوبة فى الدنيا والآخرة، غير أن النبى عليه السلام جبله الله على الصفح عن الجاهلين وترك الانتقام لنفسه فلم يعاقبه فى اعتراضه عليه كما لم يعاقب الذى قال له: إنك لم تعدل منذ اليوم. ولم يعاقب موالى بريرة فى اشتراطهم مايخالف كتاب الله وأنفذ حكم الله فى كل ذلك. فإن قال قائل: فالسجع كله مكروه؟ قيل له: لا قد أتى به كلام رسول رب العالمين، ومنه قوله عليه السلام:(يقول العبد: ما لى ما لى، وما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت) قاله ابن النحاس. وأما نهيه عن حلوان الكاهن فالأمة مجمعة على تحريمه؛ لأنهم يأخذون أجره مالا يصلح فيه أخذ عوض وهو الكذب الذى يخلطونه مع مايسترقه الجن فيفسدون تلك الكلمة من الصدق بمائة كذبة أو أكثر كما جاء فى بعض الروايات فلم يسغ أن يلتفت اليهم، ولذلك قال