للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن الحسن قال: اختلف أبى بن كعب، وابن مسعود فى الصلاة فى الثوب الواحد، فقال أُبى: لا بأس به، وقد صلى فيه النبى، عليه السلام، فالصلاة فيه اليوم جائزة، وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك إذ كان الناس لا يجدون ثيابًا، فأما إذا وجدوها، فالصلاة فى ثوبين، فقام عمر على المنبر، فقال: الصواب ما قال أُبى، ولم يَأْلُ ابن مسعود. قال الطحاوى: وقد تواترت الأخبار عن النبى (صلى الله عليه وسلم) بالصلاة فى الثوب الواحد منتوشحًا به فى حال وجود غيره، وذلك أن السائل سأل النبى (صلى الله عليه وسلم) فى حديث أبى هريرة: أيصلى أحدنا فى ثوب واحد؟ فأجابه جوابًا مطلقًا، فقال: (أو كلكم يجد ثوبين) ، أى: لو كانت الصلاة مكروهة فى الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلا ثوبًا واحدًا، ودل جوابه ذلك أن حكم الصلاة فى الثوب الواحد لمن يجد الثوبين كهو فى الصلاة فى الثوب الواحد لمن لا يجد غيره. قال غيره: وفهم من قوله (صلى الله عليه وسلم) : (أو لكلكم ثوبان) ، أن من صلى فى أكثر من ثوب واحد فقد أحسن؛ ألا ترى قول عمر: (الصواب ما قال أُبى، ولم يأل ابن مسعود) ، أى: لم يقصر فى الاجتهاد، وإن كان قد حكم لأبى بالصواب، فهذا من قول عمر، يوافق ما روى عن الرسول من إجازته الصلاة فى ثوب واحد لمن وجد غيره، وهو أولى أن يؤخذ به مما روى عن ابن عمر وغيره مما يخالف ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>