لا أعلم خلافًا فيمن سم طعامًا أو شرابًا لرجل فلم يمت به أنه لاقصاص عليه ولاحد، وفيه العقوبة الشديدة والأدب البالغ قدر ما يراه الإمام فى ذلك، فإن قيل: كيف وجب فيه العقوبة والنبى لم يعاقب من وضع له السم فيها؟ قيل: كان النبى (ص) لاينتقم لنفسه ما لم تنتهك لله حرمة، وكان يصبر على أذى المنافقين واليهود، وقد سحره لبيد بن الأعصم وناله من ضرر السحر مالم ينله من ضرر السم فى الشاة ولم يعاقب الذى سحره؛ لأن الله تعالى كان قد ضمن لنبيه عليه السلام أنه لايناله مكروه وأن لايموت حتى يبلغ دينه ويصدع بتأدية شريعته، وكان معصوما من ضرر الأعداء قال الله تعالى:(والله يعصمك من الناس (وغيره من الناس بخلافه فهذا الفرق بينه وبين غيره (صلى الله عليه وسلم) . واختلفوا فيمن سم طعامًا أو شرابًا لرجل فمات منه، فذكر ابن المنذر عن الكوفيين: إذا سقاه سمًا أو جربه به فقتله فلا قصاص عليه وعلى عاقلته الدية، وقال مالك: إذا استكرهه فسقاه سمًا فقتله فعليه القود. قال الكوفيون: ولو أعطاه إياه فشربه هو لم يكن عليه فيه شىء ولا على عاقلته من قبل أنه هو شربه. وقال الشافعى: إذا جعل السم فى طعام رجل أو شربه فأطعمه أو سقاه غير مكروه له ففيها قولان: أحدهما أن عليه القود، وهذا اشبههما والثانى: أن لاقود عليه وهو آثم لأن الآخر شربه وإن خلطه فوضعه فأكله الرجل فلا عقل ولاقود ولاكفارة، وقيل: يضمن.