عن التعرى فى كل مكان لكان قد نهاه عن التعرى للغسل من الجنابة فى الموضع الذى قد أمن أن يراه فيه أحد إلا الله، إذ كان المغتسل لا يجد بدًا من التعرى، ولكنه نُهى عن التعرى بحيث يراه أحد. وفى نهيه عليه السلام، عن المشى عريانًا بيان أنه لا يجوز القعود عريانًا فى موضع يكون معناه معنى الموضع الذى نهى فيه عن المشى عريانًا، وذلك القعود بحيث يراه من لا يحل له أن يرى عورته؛ فكان القعود عريانًا فى معنى المشى عريانًا، ولذلك نهى النبى عن دخول الحمام بغير إزار. فإن قيل: فما أنت قائل فى حديث القاسم، عن أبى أمامة، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال:(لو استطيع أن أوارى عورتى من شعارى لواريتُها) ، وفى قول على بن أبى طالب، رضى الله عنه:(إذا كشف الرجل عورته أعرض عنه الملك) ، وفى قول أبى مجلز قال: قال أبو موسى الأشعرى: (إنى لأغتسل فى البيت المظلم فما أقيم صُلبى حياءً من ربى) . قال الطبرى: قيل له: حديث أبى أمامة إن صح عن الرسول، فهو منه محمول على وجه الاستحباب، لاستعمال السترة والندب لأمته إلى ذلك؛ وكذلك كان ذلك من على وأبى موسى لا على أنهما رأيا أن ذلك حرام؛ لأن الله لا يغيب عنه شىء من خلقه عراةً كانوا أو عليهم ثياب، فلا وجه لترك إقامة الصلب عند