عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِى عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : إِنَّ عَبْدَاللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ) . فَقَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ. وترجم له باب الأخذ على اليمين فى النوم، وقال فيه:(وقلت: اللهم إن كان لى عندك خير فأنرى منامًا يعبر لى رسول الله، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) : عبد الله رجل صالح لو كان يكثر الصلاة من الليل) . قال المهلب: هذا الحديث مما فسرت فيه الرؤيا على وجهها، وفيه دليل على توعد الله عباده وجواز تعذيبهم على ترك السنن. وقول الملك:(لم ترع، نعم الرجل أنت لو تكثر الصلاة بالليل) هذه الزيادة تفسر سائر طرق هذا الحديث. وفيه: الحكم بالدليل؛ عبد الله استدل على أن اللذين أتياه ملكان؛ لأنهما أوقفاه على جهنم ووعظاه بها، والشيطان لايعظ ولايذكر بالخير، فاستدل بوعظهما وتذكيرهما أنهما ملكان. وقوله:(لم ترع) هذا خرج على ماراه، وعلى أنه ليس من أهل مارآه لأنه إذا قام الدليل أنهما ملكان فلا يكون كلامهما إلا حقًا. وفيه: دليل على أن مافسر فى النوم فهو تفسير فى اليقظة؛ لأن النبى عليه السلام لم يزد فى تفسيرها على ما فسرها الملك. وفيه: دليل على أن أصل التعبير من قبل الأنبياء؛ ولذلك كانوا يتمنون أن يروا رؤيا فيفسرها النبى لتكون عندهم أصلا، وهو مذهب الأشعرى أن أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء وعلى ألسنتهم، وهو كما قال، لكن المحظوظ على الأنبياء وإن كان أصلا فلا يعم اشخاص الرؤيا، فلا بد للبارع فى هذا العلم أن يستدل بحسن نظره