قال المؤلف: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستعيذ من الفتن ومن شرها ويتخوف من وقوعها؛ لأنها تذهب بالدين وتتلفه، وقال: قول الله: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً)[الأنفال: ٢٥] قال: إن الفتنة إذا عمّت هلك الكل، وذلك عند ظهور المعاصى وانتشار المنكر. وقد سألت زينب النبى (صلى الله عليه وسلم) عن هذا المعنى فقالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:(نعم إذا كثر الخبث) وفسر العلماء الخبث أولاد الزنا، فإذا ظهرت المعاصى ولم تُغير، وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها، فإن لم يفعلوا فقد تعرضوا للهلاك، إلا أن الهلاك طهارة للمؤمنين ونقمة على الفاسقين، وبهذا قال السلف. وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: تهجر الأرض التى يصنع فيها المنكر جهارًا ولا يستقر فيها. واحتج بصنيع أبى الدرداء فى خروجه عن أرض معاوية حين أعلن بالربا وهو من الكبائر، وأجاز بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء:(سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل. فقال معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسًا. فقال أبو الدرداء: من يعذرنى من معاوية، أنا أخبره عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويخبرنى عن رأيه لا أساكنك بأرض أنت بها) . وأما أحاديث أهل هذا الباب فى ذكر من يعرفهم النبى من أمته، ويحال بينهم وبينه، لما أحدثوا بعده، فذلك كل حدث فى الدين لا يرضاه الله من خلاف جماعة المسلمين، وجميع أهل البدع كلهم فيهم مبدلون محدثون، وكذلك أهل الظلم والجور، وخلاف الحق وأهله كلهم محدث مبدل ليس فى الإسلام داخل فى معنى هذا الحديث. وقوله:(اختلجوا دوني) . قال صاحب العين: خلجت الشيء،