للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: وفى هذا الحديث أيضًا حجة لجماعة الأمة فى ترك القيام على أئمة الجور ووجوب طاعتهم والسمع والطاعة لهم، ألا ترى أنه (صلى الله عليه وسلم) قد أعلم أبا هريرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، ولم يأمره بالخروج عليهم ولا بمحاربتهم، وإن كان قد أخبر أن هلاك أمته على أيديهم، إذ الخروج عليهم أشدّ فى الهلاك وأقوى فى الاستئصال، فاختار (صلى الله عليه وسلم) لأمته أيسر الأمرين وأخف الهلاكين، إذ قد جرى قدر الله وعلمه أن أئمة الجور أكثر من أئمة العدل وأنهم يتغلّبون على الأمة، وهذا الحديث من أقوى ما يرد به على الخوارج. فإن قال قائل: (ما أراد النبى (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (هلاك أمتى) أهلاكهم فى الدين أم هلاكهم فى الدنيا بالقتل؟ . قيل: أراد الهلاكين معًا، وقد جاء ذلك بينًا فى حديث على بن معبد عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله: (أعوذ بالله من إمارة الصبيان. فقال أصحابه: وما إمارة الصبيان؟ فقال: إن أطعتموهم هلكتم، وإن عصيتموهم أهلكوكم، فهلاكهم فى طاعتهم هلاك الدين، وهلاككم فى عصيانهم هلاك الأنفس) . فإن قيل: فلم ذكر البخارى فى الترجمة أغيلمة سفهاء من قريش، ولم يذكر (سفهاء) فى حديث الباب؟ . قيل: كثيرًا ما يفعل مثل هذا، وذلك أن تأتى فى حديث لا يرضى إسناده لفظة تبين معنى الحديث فيترجم بها ليدل على المراد بالحديث، وعلى أنه قد روى عن العلماء ثم لا يسعه أن يذكر فى حشو الباب إلا أصحّ ما روى فيه لاشتراطه الصحةّ فى كتابه، وقد روى ذلك على بن معبد قال حدثنا أشعث بن

<<  <  ج: ص:  >  >>