قال المؤلف: هذا كله إخبار من النبي بأشراط الساعة، وقد رأينا هذه الأشراط عيانًا وأدركناها، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وألقى بالشح فى القلوب، وعمّت الفتن، وكثر القتل، وليس فى الحديث ما يحتاج إلى تفسير غير قوله:(يتقارب الزمان) ومعنى ذلك، والله أعلم، تقارب أحوال أهله فى قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله، وقد جاء فى الحديث:(لا يزال الناس بخير ما تفاضلوا، فإذا تساووا هلكوا) يعنى لا يزالون بخير ما كان فيهم أهل فضل وصلاح وخوف لله يلجأ إليهم عند الشدائد، ويستشفى بآرائهم، ويتبرك بدعائهم، ويؤخذ بتقويمهم وآثارهم. وقال الطحاوى: قد يكون معناه فى ترك طلب العلم خاصةً والرضا بالجهل، وذلك أن الناس لا يتساوون فى العلم؛ لأن درج العلم تتفاوت، قال الله تعالى:(وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ)[يوسف: ٧٦] وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا. قال الخطابى: وأما حديثه الآخر: (أنه يتقارب الزمان حتى تكون السنّة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة) فإن حماد بن سلمة قال: سألت عنه أبا سلمان فقال: ذلك من استلذاذ العيش. يريد، والله أعلم، خروج المهدى ووقوع الأمنة فى الأرض ببسطه العدل فيها فيستلذ العيش عند ذلك وتستقصر مدته، ولا يزال الناس يستقصرون أيام الرخاء وإن طالت، ويستطيلون أيام المكروه وإن قصرت، وللعرب فى مثل هذا: مر بنا يوم كالعرقوب القطا قصرًا. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة