لذلك قول الله تعالى:(كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)[العلق: ٦، ٧] فمن فتنة المال ألا ينفق فى طاعة الله، وأن يمنع منه حق الله، ومن فتنته السرف فى إنفاقه ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (رُبّ كاسية فى الدنيا عارية في الآخرة) . قال المهلب: فأخبر أن فيما فتح من الخزائن فتنة الملابس، فحذّر (صلى الله عليه وسلم) أزواجه وغيرهن أن يفتن فى لباس رفيع الثياب التى يفتن النفوس فى الدنيا رقيقها وغليظها، وحذّرهن التعرى يوم القيامة منها ومن العمل الصالح، وحضّهن بهذا القول أن يقدمن ما يفتح عليهن من تلك الخزائن للآخرة وليوم يحشر الناس عراةً، فلا يكسى إلا الأول فالأول فى الطاعة والصدقة، والإنفاق فى سبيل الله، فمن أراد أن تسبق إليه الكسوة فليقدمها لآخرته، ولا يذهب طيباته فى الدنيا وليرفعها إلى يوم الحاجة. وقوله:(من يوقظ صواحب الحجرات) ندب بعض خدمه لذلك، كما قال يوم الخندق:(من يأتينى بخبر القوم) وكذلك قال من يسهل عليه فى الليل أن يدور على حجر نسائه، فيوقظهن للصلاة والاستعاذة مما أراه الله من الفتن النازلة كى يوافقن الوقت المرجو فيه الإجابة، وأخبرنا (صلى الله عليه وسلم) أن حين نزول البلاء ينبغى الفزع إلى الصلاة والدعاء، فيرجى كشفه لقوله تعالى:(فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)[الأنعام: ٤٢] الآية، وقد تقدم حديث أم سلمة فى كتاب الصلاة فى باب تحريض النبى (صلى الله عليه وسلم) على صلاة اللّيل وذكرنا فيه معنىً زائدًا.