وقال آخرون: كل فرقتين اقتتلتا فغير خارج أحدهما من أحد وجهين من أن تكون الفرقتان مخطئتين فى قتال لعضهم بعضًا، وذلك كقتال أهل الغصب والمقتتلين على النهب وأشباه ذلك مما لا شبهة فى أن اقتتالهم حرام، وأن على المسلمين الأخذ على أيديهم وعقوبتهم بما يكون نكالا لهم، أو تكون إحداهما مخطئة والأخرى مصيبة، فالواجب على المسلمين الأخذ على أيدى المخطئة ومعونة المصيبة؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد أمر بالأخذ على يدى الظالم بقوله: (لتأخذن على يدى الظالم حتى تأطروه على الحق أطرًا أو ليسلطن الله عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم) فإذا كان كما قلنا، وكان غير جائز أن تكون فرقتان تقاتل كل واحدة منهما صاحبتها أو يسفك بعضها دماء بعض كلاهما مصيبة؛ لأن ذلك لو جاز جاز أن يكون الشىء الواحد حرامًا وحلالاً فى حالة واحدة، وإذا كان كذلك فالواجب على المسلمين معونة المحقّة من الفئتين، وقتال المخطئة حتى ترجع إلى حكم الله، فلا وجه لكسر السيوف والاختفاء فى البيوت عند هيج الفتنة، روى ذلك عن على بن أبى طالب وعمار بن ياسر وعائشة وطلحة، ورواية عن ابن عمر، روى الزهرى، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أنه قال: ما وجدت فى نفسى من شىء ما وجدت أنى لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرنى الله. وروى سفيان عن يحيى بن هانئ أنه قال لعبد الله بن عمرو:(على كان أولى أو معاوية؟ قال: علي. قال: فما أخرجك؟ قال: إنى لم أضرب بسيفٍ ولم أطعن برمح، ولكن رسول الله قال: أطع أباك فأطعته) . وقال إبراهيم بن سعد: قتل أويس القرني