للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [البقرة: ١٩٣] ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم) يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِى دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ. قال المؤلف: قال الخطابى: القرن فى الحيوان يضرب به المثل فيما لا يحمد من الأمور، كقوله (صلى الله عليه وسلم) فى الفتنة وطلوعها من ناحية المشرق: (ومنه يطلع قرن الشيطان) وقال فى الشمس أنها تطلع بين قرنى الشيطان، والقرن: الأمة من الناس يُحدثون بعد فناء آخرين، قال الشاعر: إذا ما مضى القرن الذى أنت منهم وخلفت فى قرن فأنت غريب وقال غيره: كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبره (صلى الله عليه وسلم) أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذلك كانت الفتنة الكبرى التى كانت مفتاح فساد ذات البين وهى مقتل عثمان، رضى الله عنه، وكانت سبب وقعة الجمل وصفين، ثم ظهور الخوارج فى أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، ومعلوم أن البدع إنما ابتدأت من المشرق، وإن كان الذين اقتتلوا بالجمل وصفين بينهم كثير من أهل الشام والحجاز فإن الفتنة وقعت فى ناحية المشرق، وكان ذلك سببًا إلى افتراق كلمة المسلمين وفساد نيات كثير منهم إلى يوم القيامة، وكان رسول الله يحذر من ذلك ويعلمه قبل وقوعه، وذلك دليل على نبوّته.

<<  <  ج: ص:  >  >>