خلق الله على دفع الوسوسة، ولكن كرهها لدفع الوسوسة كما قال لعائشة:(أميطى عنا قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى) . وفى ردّه (صلى الله عليه وسلم) الخميصة تنبيه منه وإعلام أنه يجب على أبى جهم من اجتنابها فى الصلاة مثلما وجب على النبى؛ لأن أبا جهم أحرى أن يعرض له من الشغل بها أكثر مما خشى الرسول، ولم يُرد النبى برد الخميصة عليه منعه من تملكها ولباسها فى غير الصلاة، وإنما معناها كمعنى الحُلة التى أهداها لعمر بن الخطاب، وحرَّم عليه لباسها وأباح له الانتقاع بها وبيعها. وفيه دليل: أن الواهب والمُهدى إذا ردت عليه هديته من غير أن يكون هو الراجع فيها، فله أن يقبلها؛ إذ لا عار عليه فى قبولها. وفيه: أن النبى آنس أبا جهم ردها إليه بأن سأله ثوبًا مكانها يعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافًا به، ولا كراهة لكسبه. وفيه: تكنية الإمام والعالم لمن هو دونه. قال أبو عبيد: و (الخميصة) كساء مُرَبَّع أسود له علمان، وقال ثعلب:(أنبجانية) ، بفتح الباء وكسرها، كل ما كثف والتف، قالوا: شاة أنبجانية كثيرة الصوف ملتفة، وقال الأصمعى: يقال: كساء منبجانى منسوب إلى منبج، ولا يقال: أنبجانى، قال أبو حاتم: قلت: لم فتحت الباء وإنما نسبت إلى منبج، قال: خرج مخرج منظرانى ومخيرانى ألا ترى أن الزيادة فيه، والنسب مما يتغير له البناء.