طالب، وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الآنَ، فَيَقُولُ: مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ؟ فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ: لَوْ كُنْتَ فِى شِدْقِ الأسَدِ لأحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِيهِ، وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَرَهُ، فَلَمْ يُعْطِنِى شَيْئًا، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ، فَأَوْقَرُوا لِي رَاحِلَتِي. قال المؤلف: فيه فضل السعى بين المسلمين فى حسم الفتن والإصلاح بينهم وأن ذلك مما تستحق به السيادة والشرف، وقول معاوية:(من لذرارى) يدل على أنه كره الحرب وخشى سوء عاقبة الفتنة؛ ولذلك بعث عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن ابن على يسأله الصلح، فأجاب الحسن بن على رغبةً فيه وحقنًا لدماء المسلمين وحرصًا على رفع الفتنة، وقد تقدم فى الصلح. وأما قول إسرائيل لابن شبرمة أدخلنى على عيسى أعظه يعنى: عيسى بن موسى، فخاف عليه ابن شبرمة من ذلك، فدل أن مذهب ابن شبرمة أن من خاف على نفسه لا يلزمه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وأما حديث أسامة فإنه أرسل مولاه إلى على بن أبى طالب يعرفه أنه من أحبّ الناس إليه وأنه يحب مشاركته فى السراء والضراء، ويعتذر إليه من تخلفه عن الحرب معه، وأنه لا يرى ذلك لما روى عنه:(أن النبى (صلى الله عليه وسلم) لما بعثه إلى الحرقة أدرك رجلا بالسيف فقال له الرجل: لا إله إلا الله، فقتله فأخبر النبى بذلك، فقال له: يا أسامة قتلته بعدما قال: لا إله إلا الله. فقال: يا رسول الله إنما قالها تعوّذًا.