الله، ثم يبعث الله ريحًا طيبةً فيتوفى كل من فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم) . قال المؤلف: هذه الأحاديث وما جانسها معناها الخصوص، وليس المراد بها أن الدين ينقطع كله فى جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شىء؛ لأنه قد ثبت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة إلا أنه يضعف ويعود غريبًا كما بدأ، وروى حماد بن سلمة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال: قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : (لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) وكان مطرف يقول: هم أهل الشام، فبين (صلى الله عليه وسلم) فى هذا الخبر خصوصه سائر الأخبار التى خرجت مخرج العموم، وصفة الطائفة التى على الحق مقيمة إلى قيام الساعة أنها بيت المقدس دون سائر البقاع، فبهذا تأتلف الأخبار ولا تتعارض، وقد تقدم فى كتاب العلم فى باب من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين. فإن قال قائل: فما وجه ذكر حديث القحطانى الذى يسوق الناس بعصاه فى هذا الباب؟ قال المهلب: وجه ذلك أنه إذا قام رجل من قحطان ليس من فخذ النبوة ولا من رهط الشرف الذين جعل الله فيهم الخلافة فذلك من أكبر تغير الزمان وتبديل أحكام الإسلام أن يدعى الخلافة، وأن يطاع فى الدين من ليس أهل ذلك.