عليه بكذبه شاهد، وأن تأثير الصنعة فيه لمن ركب أعضاءه خلق ذليل وعبد مهين، مع آفة به لازمة من عور إحدى عينيه، يدعو الناس إلى الإقرار بأنه ربهم الذى خلقهم، فأسوأ حالات من يراه من ذوى العقول أن يعلم أنه لم يكن ليسوى خلق غيره ويعدله ويحسنه، وهو على دفع العاهات عن نفسه غير قادر. فأقل ما يجب أن يقول له من يدعوه إلى الإقرار له بالألوهية: إنك تزعم أنك خالق السموات والأرض وما فيهما وأنت أعور ناقص الصورة، فصور نفسك وعدلها على صورة من أنت فى صورته إن كنت محقًا فى ذلك، فإن زعمت أن الرب لا يحدث فى نفسه شيئًا فإنك راكب من الخطايا أرذلها، فتحول من الجماد إلى أشرف منه وأزل ما هو مكتوب بين عينيك من الكتاب الشاهد على كذبك. قال المهلب: وأما قوله فى حديث المغيرة: (إنهم يقولون أن معه جبل خبر ونهر ماءٍ. قال (صلى الله عليه وسلم) : هو أهون على الله من ذلك) . يريد والله أعلم هو أهون من أن يفتن الناس به فيملكه معايش أرزاقهم وحياة أرماقهم، فتعظم بذلك فتنتهم، بل تبقى عليه ذلة العبودية بتحويجه إلى معالجة المعاش، وقد ملكه ما لا يضر به إلا من قضى الله له بالشقاء فى أم الكتاب، وإنما يوهم الناس أن هذه نار يشير إليها ليخافه من لا بصيرة له فى دين الله فيتبعه مخافتها على نفسه، ولو أنعم النظر لرأى أنها ماء بارد وكذلك لما توهن به وهو ماء لمن لا بصيرة له ولا عنده علم بما قدمه الرسول من العلم لأمته بأن ناره ماء، وماءه نار، ومن أعطى فتنته ثم جعل له على تلك الفتنة علم بطلانها ومحالها لم تكن فتنة شاملة، ولا يفتتن