من كل شر، ليلزم نفسه خوف الله تعالى وإعظامه، وليسُنّ ذلك لأمته ويعلمهم كيف الاستعاذة من كل شىء، وقد روى ثابت البنانى عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ليسأل أحدكم ربه حاجاته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع) . ليستشعر العبد الافتقار إلى ربه فى كل أمر وإن دق ولا يستحيى من سؤاله ذلك، فالتعوذ من فتنة المحيا والممات دعاء جامع لمعان كثيرة لا تُحصى وكذلك التعوذ من المأثم والمغرم، روى عن عائشة:(أن رجلاً قال للنبى (صلى الله عليه وسلم) ما أكثر ما تستعيذ من المأثم والمغرم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن الرجل إذا غرم، حدث فكذب، ووعد فأخلف) . وضلع الدين: هو الذى لا يجد دينه من حيث يؤديه، وهو مأخوذ من قول العرب: حمل مضلع أى: ثقيل، ودابة مضلع: لا تقوى على الحمل، عن صاحب العين، فمن كان هكذا فلا محالة أنه يؤكد ذلك عليه الكذب فى حديثه، والخلف فى وعده. قال الطبرى: فإن قال قائل: فإذا قد صح تعوّذ النبى (صلى الله عليه وسلم) من المغرم، فما أنت قائل فى ما روى جعفر بن محمد عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه، ما لم يكن فيما كره الله عز وجل) . وكان عبد الله بن جعفر يقول: اذهب فخذ لى بدين، فإنى أكره أن أبيت ليلة إلا والله معى بعد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . قيل: كلا الخبرين صحيح، وليس فى أحدهما دفع