للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ ١١ - وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِى الْمُؤْمِنِ عِنْدِى جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلا الْجَنَّةُ) . قال المؤلف: روى عن على بن أبى طالب وابن عباس وأبى هريرة فى قوله تعالى: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) [فاطر: ٣٧] قالوا: يعنى: ستين سنةً، وروى عن ابن عباس أيضًا أربعون سنة، وعن الحسن البصرى ومسروق مثله، وحديث أبى هريرة حجة لقول على ومن وافقه فى تأويل الآية. وقول من قال: أربعون سنة. له وجه صحيح أيضًا، والحجة له قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) [الأحقاف: ١٥] الآية فذكر تعالى أن من بلغ الأربعين، فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرهما. قال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا والعلم، ويخالطون الناس حتى يأتى لأحدهم أربعون سنة، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس واشتغلوا بالعبادة حتى يأتيهم الموت. فبلوغ الأربعين نقل لابن آدم من حالة إلى حالة أرفع منها فى الاستبصار والإعذار إليه. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (أعذر الله إلى أمرئ أخرّ أجله حتى بلغ ستين سنة) . أى أعذر إليه غاية الإعذار، الذى لا إعذار بعده، لأن الستين قريب من معترك العباد، وهو سن الإنابة والخشوع والاستسلام لله تعالى وترقب المنية ولقاء الله تعالى فهذا إعذار بعد إعذار فى عمر ابن آدم، لطفًا من الله لعباده حين نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم، وأعذر إليهم مرة بعد أخرى، ولم يعاقبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>