الرقاشى قال: يا لهفاه سبقنى العابدون، وقطع بى نوح؛ يبكى على خطيئته، ويزيد لا يبكى على خطيئته، إنما سُمّى نوحًا لطول ما ناح على نفسه فى الدنيا. وذكر ابن المبارك عن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا العشب، وكان يبكى من خشية الله، ما لو كان القار على عينيه لخوفه ولقد كانت الدموع اتخذت فى وجهه مجرى. وقال ابن عباس: قال النبي - عليه السلام -: (كان مما ناجى الله موسى أنه لم يتعبد العابدون بمثل البكاء من خيفتى، أما البكاءون من خيفتى فلهم الرفيق لا يشاركون فيه) . وعن وهيب بن الورد أن زكريا قال ليحيى ابنه شيئًا فقال له: يا أبة، إن جبريل أخبرنى أن بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلا كل بكاء. وقال الحسن: أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: أكحل عينيك بالبكاء إذا رأيت البطالين يضحكون. وعن وهب بن منبه عن النبي - عليه السلام - قال:(لم يزل أخى داود باكيًا على خطيئته مدة حياته كلها) ، وكان يلبس الصوف ويفترش الشعر ويصوم يومًا ويفطر يومًا، ويأكل خبز الشعير بالملح والرماد، ويمزج شرابه بالدموع، ولم يُر ضاحكًا بعد الخطيئة، ولا شاخصًا ببصره إلى السماء حياءً من ربه وهذا بعد المغفرة، وكان إذا ذكر خطيئته خر مغشيا عليه يضطرب كأنه أعجب به، فقال: وهذه خطيئة أخرى. وروى عن محمد بن كعب فى قوله تعالى: (وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى