الَّتِي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) . قال المؤلف: فى حديث أنس بيان مكان الدنيا عند الله من الهوان والضعة، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إن حقًا على الله ألا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه) فنبّه بذلك أمته (صلى الله عليه وسلم) على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدنيا، وأن ما كان عند الله فى منزلة الضعة، فحق على كل ذى عقل الزهد فيه وقلة المنافسة فى طلبه، وترك الترفع والغبطة بنيله، لأن المتاع به قليل والحساب عليه طويل. وفى حديث أبى هريرة من معنى الباب أن التقرب إلى الله بالنوافل حتى تستحق المحبة منه تعالى لا يكون ذلك إلا بغاية التواضع والتذلل له. وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه وأداها. ورأيت لبعض الناس أن معنى قوله تعالى:(فأكون عينيه اللتين يبصر بهما وأذنيه ويديه ورجليه) قال: وجه ذلك أنه لا يحرك جارحة من جوارحه إلا فى الله ولله، فجوارحه كلها تعمل بالحق، فمن كان كذلك لم تُردّ له دعوة. وقد جاء فى فضل التواضع آثار كثيرة، روى الطبرى من حديث شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ما تواضع رجل إلا رفعه الله بها درجةً) وعن عكرمة، عن ابن عباس أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (ما من بنى آدم أحد إلا وفى رأسه سلسلتان: إحداهما فى السماء السابعة، والأخرى فى الأرض السابعة، فإذا تواضع رفعه الله بالسلسلة التى فى السماء،