إذا اختلفتم في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم على تشريف قريش على سائر الناس وتخصيصهم بالفضيلة الباقية إلى الأبد حين اختار الله إثبات وحيه الذى هدى به من الضلالة بلغتهم تعبيره بلسانهم وحسبك بهذا من شرف باق. قال أبو بكر بن الطيب: ومعنى قول عثمان: فإنه نزل بلسان قريش، يريد معظمه وأكثره، ولم تقم دلالة قاطعة على أن القرآن بأسره منزل بلغة قريش فقط، وأنه لا شىء فيه من لغة غيرهم؛ فإنه قد ثبت أن فى القرآن همزًا كثيرًا وثبت أن قريشًا لا تهمز وثبت فيه كلمات وحروف هى خلاف لغة قريش، وقد قال تعالى:(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)[الزخرف: ٣] ، ولم يقل قرشيًا، وهذا يدل أنه منزل بجميع لسان العرب؛ وليس لأحد أن يقول أراد قريشًا من العرب دون غيرها، كما أنه ليس له أن يقول أراد لغة عدنان دون قحطان، أو ربيعة دون مضر؛ لأن اسم العرب يتناول جميع هذه القبائل تناولاً واحدًا. ولو ساغ لمدع أن يدعى أنه أراد قبيلة من قبائل العرب لساغ لآخر أن يقول: إن قوله أنه منزل بلسان قريش أنه أريد به قبيلة من قريش دون غيرها، ومن قال هذا فقد ظهر تخليطه. وقد قال سعيد بن المسيب: نزل القرآن بلغة هذا الحى من لدن هوازن وثقيف إلى ضربه. وقال ابن عباس: نزل القرآن بلغة قريش ولسان خزاعة، وذلك أن الدار كانت واحدة، وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : (أنا أفصحكم لأنى من قريش، ونشأت فى بنى سعد بن بكر) .