ومما يدل أن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لأعلمنك أعظم سورة) لا يوجب تفاضل القرآن بعضه على بعض فى ذاته. قوله تعالى:(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)[البقرة: ١٠٦] ، ولم يختلف أهل التأويل فى أن الله تعالى لم يرد بقوله:(نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا)[البقرة: ١٠٦] ، تفضيل بعض الآيات على بعض، وإنما المراد بخير منها لعباده المؤمنين التالين لها، إما بتخفيف وعفو، أو بثواب على عمل، ولو قال قائل: أيما أفضل: آية رحمة، أو آية عذاب، أو آية وعد، أو آية وعيد؟ لم يكن لهذا جواب. ومن اختار التفاضل فى القرآن فقد أوجب فيه النقص، وأسماء الله تعالى وصفاته وكلامه لا نقص فى شىء منها فيكون بعضه أفضل من بعض، وكيف يجوز أن يكون شىء من صفاته منقوصًا غير كامل وهو قادر على أن يتم المنقوص حتى يكون فى غاية الكمال، فلا يلحقه فى شىء من صفاته نقص، تعالى الله عن ذلك، وسأزيد فى بيان هذا فى فضل) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص: ١] . ويحتمل قوله: لأعلمنك أعظم سورة وجهًا آخر، وهو أن يكون أعظم بمعنى سورة عظيمة كما قيل الله أكبر، بمعنى: كبير، وكما قيل فى اسم الله الأعظم بمعنى: عظيم، وقد تقدم الكلام فى حديث أبى سعيد الخدرى فى كتاب الإجازة فى باب ما يعطى في الرقية بفاتحة الكتاب ومعنى قوله ما يدريك أنها رقية فتأمله هناك.