في هذا الحديث أن أسيد بن حضير رأى مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) : (تلك الملائكة تنزلت للقرآن) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) فى حديث البراء فى سورة الكهف: (تلك السكينة نزلت للقرآن) . فمرة أخبر (صلى الله عليه وسلم) عن نزول السكينة، ومرة أخرى عن نزول الملائكة، فدل على أن السكينة كانت فى تلك الظلة وأنها تنزل أبدًا مع الملائكة، والله أعلم، ولذلك ترجم البخارى باب نزول السكينة والملائكة عند القراءة. وفى هذا الحديث أن الملائكة تحب أن تسمع القرآن من بنى آدم لا سيما قراءة المحسنين منهم، وكان أسيد بن حضير حسن الصوت بالقرآن ودل قوله (صلى الله عليه وسلم) لأسيد: لو قرأت لأصبحت تنظر الناس إليها لا تتوارى منهم على حرص الملائكة على سماع كتاب الله من بنى آدم. وقد جاء فى الحديث أن البيت الذى يقرأ فيه القرآن يضئ لأهل السماء كما يضئ النجم لأهل الأرض وتحضره الملائكة، وهذا كله ترغيب فى حفظ القرآن، وقيام الليل به، وتحسين قراءته. وفيه جواز رؤية بنى آدم للملائكة إذا تصورت فى صورة يمكن للآدميين رؤيتها، كما كان جبريل (صلى الله عليه وسلم) يظهر للنبى (صلى الله عليه وسلم) فى صورة رجل فيكلمه، وكثيرًا ما كان يأتيه فى صورة دحية الكلبى وقد تقدم فى باب الكهف تفسير السكينة بما أغنى عن إعادته. وقوله:(لو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم) حجة لمن قال: إن السكينة روح أو شىء فيه روح؛ لأنه لا يصح حب استماع القرآن إلا لمن يعقل.