الشيطان) . فنهى عن لو فى هذا الحديث، وهذا معارض لما جاء من إباحة لو فى كتاب الله، وفى الأحاديث المروية فى ذلك. قيل له: لا تعارض بين شىء من ذلك، ولكل وجه ومعنى غير معنى صاحبه؛ فأما نهيه عن اللو فى حديث ابن عجلان فمعناه: لا تقل أنى لو فعلت كذا لكان كذا على القضاء والحتم، فإنه كائن لا محالة، فأنت غير مضمر فى نفسك شرط مشيئة الله، هذا الذى نهى عنه؛ لأنه قد سبق فى علم الله كل ما يناله المرء. قال تعالى:(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا)[الحديد: ٢٢] . فأما إذا كان قائله ممن يوقن بأن الشرط إذا وجد لم يكن المشروط إلا بمشيئة الله وإرادته، فذلك هو الصحيح من القول، وقد قال أبو بكر الصديق للنبى (صلى الله عليه وسلم) وهو فى الغار: لو أن أحدهم رفع قدمه أبصرنا. فقال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، ولم ينكر ذلك عليه صلى الله عليه؛ إذا كان عالما بمخرج كلامه، وأنه إنما قال ذلك على ما جرت به العادة، واستعمله الناس علة ما الأغلب كونه عند وقوع السبب الذى ذكره، وإن كان قد كان جائزًا أن يرفع جميع المشركين الذين كانوا فوق الغار أقدامهم ثم ينظروا فيحجب الله أبصارهم عن رسوله، وعن صاحبه فلا يراهما منهم أحد، وكان جائز أن يحدث الله عمىً فى أبصارهم، فلا يبصرونهما، مع أسباب غير ذلك كثيرة، وأن أبا بكر لم يقل ذلك إلا على إيمان منه بأنهم لو رفعوا أقدامهم لم يبصروا رسول الله إلا أن يشاء الله ذلك، فهذا مفسرًا لحديث ابن عجلان وناف للتعارض فى ذلك، والله الموفق.