للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ. . .) إلى قوله: (أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ) . قال المؤلف: غرضه فى هذا الباب الرد على الجهمية فى قولهم: إن الله لا يعلم أفعال العباد حتى يعملوها. فرد النبى (صلى الله عليه وسلم) ذلك من قولهم، وأخبر فى هذا الحديث أن الله تعالى يعلم ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، ومصداق هذا الحديث فى قوله تعالى: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام: ٢٨] ، وقال فى آية أخرى: (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَّسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ) [الأنفال: ٢٣] ، فإذا ثبت بهاتين الآيتين المصدقتين لحديثه (صلى الله عليه وسلم) أنه يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون، فأحرى أن يعلم ما يكون، وما قدره وقضاه فى كونه. وهذا يقوى ما يذهب إليه أهل السنة أن القدر هو علم الله وغيبه الذى استأثر به فلم يطلع عليه ملكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلاً. وروى روح بن عبادة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين قال: ما ينكر هؤلاء، يعنى القدرية، أن يكون الله علم علمًا فجعله كتابًا. وقد قيل: إن بعض الأنبياء كان يسأل الله عن القضاء والقدر، فمحى من النبوة. وروى ابن عباس عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (إذا ذكر القدر فأمسكوا) . وقال بلال بن أبى بردة لمحمد بن واسع: ما تقول فى القضاء والقدر؟ فقال: أيها الأمير، إن الله لا يسأل عباده يوم القيامة عن قضائه وقدره، وإنما يسألهم عن أعمالهم. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصرى: إن الله لا يطالب

<<  <  ج: ص:  >  >>