للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْمِ: أَفلا نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لا اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَّا خُلِقَ لَهُ) ، ثُمَّ قَرَأَ) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (الآيَة [الليل: ٥] . وقال المهلب: غرضه فى هذا الباب أن يبين أن جميع مخلوقات الله من المكونات بأمره بكلمة كن من حيوان أو غيره، أو حركات العباد واختلاف إرادتهم وأعمالهم بمعاص أو طاعات؛ كل مقدر بالأزمان والأوقات، لا مزيد فى شىء منها، ولا نقصان عنها، ولا تأخير لشىء منها عن وقته، ولا تقديم قبل وقته، ألا ترى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تسأل المرأة طلاق أختها) لتصرف حظها إلى نفسها، ولتنكح، فإنها لا تنال من الرزق إلا ما قدر لها، كانت له زوجة أخرى أو لم تكن. وقوله: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) . فيه دليل على إبطال قول أهل الجبر؛ لأن التيسير غير الجبر، واليسرى العمل بالطاعة، والعسرى العمل بالمعصية. قال الطبرى: فى حديث علىّ أن الله لم يزل عالمًا بمن يطيعه فيدخله الجنة، وبمن يعصيه فيدخله النار، ولم يكن استحقاق من يستحق الجنة منهم بعلمه السابق فيهم، ولا استحقاقه النار لعلمه السابق فيهم، ولا اضطر أحدًا منهم علمه السابق إلى طاعة أو معصية، ولكنه تعالى نفذ علمه فيهم قبل أن يخلقهم، وما هم عاملون وإلى ما هم صائرون، إذ كان لا تخفى عليه خافية قبل أن يخلقهم، ولا بعد ما خلقهم، ولذلك وصف أهل الجنة فقال: (ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ) [الواقعة: ١٣، ١٤] ، إلى قوله: (وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>