للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمع، وعلمت ولم تعلم. وأصل القفو العضه والبهت، فنهى الله عباده عن قول ما لا علم لهم به، فإنه سائل السمع والبصر والفؤاد عما قال صاحبها فتشهد عليه جوارحه بالحق، ومثل هذا قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إن الله يقبض العلم بقبض العلماء فيبقى ناس جهال فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون) . ألا ترى أنه وصفهم بالجهل، فلذلك جعلهم ضالين هو خلاف الذين قال فيهم: (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: ٨٣] ، وأمر بالرجوع إلى قولهم. قال الطبرى: فإن قيل: فإن قول سهل بن حنيف، وعمر بن الخطاب: اتهموا الرأى. ويرد قول من استعمل الرأى فى الدين، وأنه لا يجوز شىء من الرأى والقياس لأنهم أخطئوا يوم أبى جندل فى مخالفتهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى صلحه المشركين، ورده لأبى جندل لأبيه وهو يستغيث، وكان قد عذب فى الله، وهم يظنون أنهم محسنون فى مخالفة رسول الله. قيل: وجه قولهما: اتهموا الرأى الذى هو خلاف لرأى رسول الله وأمره على الدين، الذى هو نظير آرائنا التى كنا خالفنا بها رسول الله يوم أبى جندل، فإن ذلك خطأ، فأما الاجتهاد والاستنباط من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة فذلك هو الحق الواجب والفرض اللازم لأهل العلم، وبنحو هذا جاءت الأخبار عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وعن جماعة الصحابة والتابعين، روى ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما انصرف من الأحزاب قال: (لا يصلين أحد العصر إلا فى بنى قريظة فأبطأ ناس فتخوفوا فوت الصلاة، فصلوا، وقال آخرون: لا نصلى إلا حيث أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وإن فاتنا العصر، فما عنف

<<  <  ج: ص:  >  >>