عمرو بن حريث قال: قال عمر بن الخطاب: (إياكم وأصحاب الرأى فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأى، فضلوا وأضلوا) . فقد بين هذا القول من عمر أنه أمر باتهام الرأى فيما خالف أحكام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسنته، وذلك أنه قال:(إنهم أعداء السنن أعيتهم أن يحفظوها) . وأخبر أنه لما أعياهم حفظ سنن رسول الله قالوا بآرائهم وخالفوها، جهلا منهم بأحكام رسول الله وسننه وذلك هو الجرأة على الله بما لم يأذن به فى دينه، والتقدم بين يدى رسول الله، فأما اجتهاد الرأى فى استنباط الحق من كتاب الله وسنة رسوله فذلك الذى أوجب الله على العلماء فرضًا، وعمل به المسلمون بمحضر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فلم يعنفهم ولا نهاهم عنه؛ إذ كان هو الحق عنده والدين، واقتفى أثرهم فيه الخلف من بعدهم، روى ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال ابن مسعود:(ومن عرض له منكم قضاء بما فى كتاب الله، فإن جاء أمرًا ليس فى كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه (صلى الله عليه وسلم) ، فإن جاءه أمر ليس فى سنة نبيه فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاءه ما ليس فى ذلك، فليجتهد رأيه، ولا يقل: إنى أرى وإنى أخاف فإن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) . وقد تقدم حديث سهل فى أخر كتاب الجهاد ومر فيه من معناه ما لم أذكره هنا خوف التكرار. وقول أبى وائل:(وبئست الصفون) . سمى المكان بالجمع المسلم كما سمى الرجل يزيدين أو عمرين فيجريه فى حال التسمية به مجراه في