للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحكم النبي (صلى الله عليه وسلم) فى ذلك، فحكم به ولم يسغ له الحكم فى ذلك باجتهاده إلا بعد طلب النصوص من السنة، فإذا عدم النص رجع إلى الإجماع، فإن لم يجده نظر هل يصح حمل حكم الحادثة على بعض الأحكام المتقررة لعلة تجمع بينهما، فإن وجد ذلك لزمه القياس عليها إذا لم تعارضها علة أخرى. ولا فرق بين أن يجعل العلة مما هو من باب الحادثة أو غيره؛ لأن الأصول كلها يجب القياس عليها إذا صحت العلة، فإن لم يجد العلة استدل بشواهد الأصول وغلبة الأشباه إذا كان ممن يرى ذلك، فإن لم يتوجه له وجه من بعض هذه الطرق وجب أن يقر الأمر فى النازلة على حكم العقل، ويعلم أنه لا حكم لله فيها شرعيًا زائدًا على العقل. هذا قول ابن الطيب. قال غيره: وهذا هو الاستنباط الذى أمر الله عباده بالرجوع إلى العلماء فيه بقوله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: ٨٣] ، والاستنباط هو الاستخراج، ولا يكون إلا فى القياس؛ لأن النص ظاهر جلى وليس يجوز أن يقال: إن عدم النص على الحادثة من كتاب الله أو سنة رسوله. يوجب حكم لله فيها لقوله تعالى: (مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَىْءٍ) [الأنعام: ٣٨] ، إذ لو خلا بعض الحوادث أن تكون لا حكم لله فيها بطل إخباره إيانا بقوله: (مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَىْءٍ) [الأنعام: ٣٨] ، وفى علمنا أن النصوص لم تحط بجميع الحوادث دلالة أن الله تعالى قد أبان لنا حكمها بغير جهة النص، وهو القياس على علة النص، ولو لم

<<  <  ج: ص:  >  >>