للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث عائشة وأمرها أن تدفن مع صواحبها كراهة أن تزكى بالدفن فى بيتها مع النبى (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه؛ لئلا يظن أحد أنها أفضل الصحابة بعد النبى وصاحبيه، ألا تسمع قول مالك للرشيد حين سأله عن منزلة أبى بكر وعمر من النبى فى حياته، فقال له: منزلتهما منه فى حياته كمنزلتهما منه بعد مماته. فزكاهما بالقرب منه فى البقعة المباركة والتربة التى خلق الله منها خير البرية، وأعاده فيها بعد مماته. فقام لمالك الدليل من دفنهما معه على أنهما أفضل الصحابة لاختصاصهما بذلك. وقد احتج الأبهرى على أن المدينة أفضل من مكة، فإن النبى (صلى الله عليه وسلم) مخلوق من تربة المدينة، وهو أفضل البشر؛ فكانت تربته أفضل الترب. قال المهلب: وأما حديث أنس أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يصلى العصر فيأتى العوالى والشمس مرتفعة فمعناه: أن بين العوالى ومسجد المدينة للماشى معلم من معالم ما بين الصلاتين يستغنى الماشى فيها يوم الغيم عن معرفة الشمس، وذلك معدوم فى سائر الأرض، فإذا كانت مقادير الزمان معينة بالمدينة لمكان بادٍ للعيان ينقله العلماء إلى أهل الآفاق ليتمثلوه فى أقاصى البلدان، فكيف يساويهم أهل بلدة غيرها، وكذلك دعاؤه لهم بالبركة فى مكيالهم خصهم من بركة دعوته ما اضطر أهل الآفاق إلى القصد إلى المدينة فى ذلك المعيار المدعو له بالبركة، ليمتثلوه ويجعلوه سنة فى معاشهم وما فرض الله عليهم فى عيالهم، وظهرت البركة لأهل كل بلدة فى ذلك المكيال. وأما رجمه اليهوديين عند موضع الجنائز، فإن الموضع قد صار علمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>