وما لا يجوز، في باب الإخاء والحلف، فتأمله فيه، وكذلك قدحه (صلى الله عليه وسلم) ومكان صلاته لا يوجد فى غير المدينة، وكذلك وادى العقيق المبارك يوحى الله إلى رسوله وأن الله أنزل فيه بركة إحلال الاعتمار فى أشهر الحج، وكان محرمًا قبل ذلك على الأمم، وأمره بالصلاة فيه لبركته، وليس ذلك مأمورًا به إلا فى هذا الوادى الذى يقصده أهل الآفاق للصلاة فيه والتبرك به. وكذلك توقيت النبى (صلى الله عليه وسلم) المواقيت لأهل الآفاق معالم للحج وللعمرة رفقًا من الله بعباده وتيسيرًا عليهم مشقة الإحرام من كل فج عميق، فهذه بركة من الله فى الحجاز موقوفة للعباد وليست فى غيره من البلاد، وفى جعل الله بطحاء العقيق المباركة مهلا للنبى (صلى الله عليه وسلم) ولأهل المدينة، وهى آخر جزائر المدينة، على رأس عشرة أيام من مكة وغيرها من المواقيت على رأس ثلاثة أيام من مكة فضل كبير ولأهل المدينة؛ لحمله تعالى عليهم من مشقة الإحرام أكثر مما حمل على غيرهم، وذلك لعلمه بتبصرهم على العبادة واحتباسهم لتحملها. وكذلك صبرهم على لأواء المدينة وشدتها حرصًا على البقاء فى منزل الوحى ومثبت الدين؛ ليكون الناس فى موازنهم إلى يوم القيامة كما صاروا فى موازنهم بإدخالهم أولا فى الدين؛ لما وضع فيهم من القوة والشجاعة التى تعاطوا بها مقارعة أهل الدنيا، وضمنوا عن أنفسهم نصرة نبى الهدى فوفى الله بضمانهم على أعدائهم، وتمت كلمة ربك ودينه بهم فكانوا أفضل الناس؛ لقربهم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلمهم بأحوالهم وأحكامه وآدابه وسيره.