عنه فقد أتى بخطيئة، ثم إن النبى (صلى الله عليه وسلم) علم أنه لا يكاد يسلم من ذلك؛ فعرف أمته كفارة تلك الخطيئة، وأمر المصلى أن يبزق فى ثوبه، أو تحت قدمه ليعركه ويغيره، ولا تقع عليه عين أحد، غير أن ارتكاب الخطيئة لا يكون إلا بالقصد والعلم بالنهى عنها، وأما من غلبته النخامة فقد ندب إلى دفنها وحتِّها وإزالتها، ومن فعل ما ندب إليه فمأجور. وروى الطبرى قال: حدثنا عمرو بن على، ثنا ابن أبى عدى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن محمد بن أبى عتيق، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: سمعت النبى يقول: (إذا تنخم أحدكم فى المسجد فليغيب نخامته لا تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه) . قال الطبرى: وفى هذا من الفقه ترخيص الرسول فى التفل فى المسجد والتنخم فيه إذا دفنه، وأبان عن معنى كراهته لذلك إذا لم تدفن، وذلك أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه، وإذا كان ذلك كذلك فبين أن متنخمًا لو تنخم فى المسجد فى غير قبلته بحيث يأمن أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه، فلا حرج عليه فيه واستحب له أن يدفنه، وإن كان بموضع يأمن أن يصيب به أحدًا لقوله:(البزاق فى المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) ، يعم بذلك المسجد كله، ولم يخصص منه موضعًا دون موضع، فخبرُ سعد مُفسر لما أُجمل فى حديث أنس، وأبى هريرة، وأَمرهُ بدفنها إنما هو فى الحال التى يخشى فيها أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه.